يظل أحد أهم القرارات الحاسمة التي تمثل تحديًا كبيرًا للملاك والمديرين في قطاع المطاعم والفنادق هو اختيار الطهاة المثاليين لمطابخهم، وذلك باختلاف تخصصاتهم وتدرجاتهم الوظيفية وسماتهم الديموغرافية، حيث يبحث مسؤول التوظيف والتدريب عن أدوات ومعايير تقييم واختبار أساسية فعالة تساندهم في مهمة التأكد من أحقية ومثالية توظيف شيف محدد في المطعم أو الفندق.
ويفضل العديد من المديرين وضع فترات زمنية أولية - قبل التعيين النهائي - لتجربة مستويات أداء الشيف الحديث في المطبخ، وبالأخص إذا كان من الطهاة الشباب الصاعدين في مجال هذه المهنة، وهي الفترة التي يتخللها رقابة وتحليل واختبار لشخصية الشيف الحديث وقدرته على إتمام المهام الموكلة إليه بمثالية في المطبخ التابع للمؤسسة المقدمة للأغذية وخدمات الضيافة.
وبشكل عام، يتم اختبار شخصية الشيف المثالية لشغل الوظيفة الشاغرة داخل المطبخ التجاري وفقًا لـ ٥ معايير أساسية، هي:
١. احترام منظومة العمل:
وهي المنظومة المتعلقة بعدة فرعيات معنية بضمان إيجاد بيئة عمل صحية وسليمة وسلسة لفريق الطهاة داخل المطاعم والفنادق، سواء الخاصة بقوانين العمل الرسمية، أو لائحة العمل الخاصة، أو تشريعات مجال الطهي والمؤسسة أو أخلاقيات الشيف المهنية، حيث تصمم جميعها سويًا شبكة القوانين والقواعد التي يعمل إثرها الطاهي في مجال تقديم الأغذية وخدمات الضيافة.
وهي واحدة من الأمور الهامة التي يبحث المالك أو مدير التوظيف أو قائد الفريق عن مدى استيعاب وتفهم الشيف - المعيّن حديثًا - للقواعد والإرشادات، وقدرته على اتباعها والالتزام بها وإعطاءها الاهتمام الكافي خلال عمليات التشغيل المختلفة داخل المطبخ التجاري، وذلك بالحديث عن ساعات العمل، وإتمام المهام الموكلة خلال الفترة الزمنية المحددة، وارتداء الزي الرسمي، واحترام سلسلة التدرج الوظيفي الموضوعة في المطبخ، واتباع أهم إجراءات الصحة والسلامة الشخصية والغذائية.. إلخ.
كما يتخلل مفهوم احترام المنظمة مبدأ احترام العلامة التجارية وفكرتها ورسالتها المجتمعية، والسعي خلف محاولة الارتقاء بها في المجتمع المحيط والذي تخدمه المؤسسة، سواء المطعم أو الفندق أو عربة الطعام أو المشروع المعني بتقديم الأغذية والمشروبات وخدمات الضيافة، فعادة ما يبحث المديرون عن قدر الاحترام الذي يمكنه أن يتحول لمسؤولية تحمل وقيادة في المستقبل.
٢. روح الفريق الواحد:
لن يعمل المطبخ بالشكل المطلوب، ولن يقدم الأطباق والخدمات الغذائية الملزمة منه بدون وجود فريق عمل مترابط ومتكامل ومبتكر ومتفاعل يهتم بالحفاظ على الصورة والسمعة الذهنية الطيبة للعلامة التجارية للمؤسسة، وذلك من خلال مراعاة صيغة العمل الجماعي ومكانة الفريق ككل وليس كفرد.
وهي واحدة من المعايير التي يبحث عنها قائد الفريق أو مسؤول التوظيف في الطهاة الحديثين محل الاختبار والتجربة، وخاصة أوقات الضغط الشديد وكثرة طلبات الطعام وازدحام الزبائن وتنوع الوصفات، حيث تنكشف حدود الصبر للشيف ومدى تمكنه من ضبط الانفعالات والعمل باتزان ومرونة مع باقي أفراد الفريق من الطهاة والمضيفين والندل، بالإضافة إلى مدى التزامه بتقديم النتائج المرجوة منه بالشكل المناسب.
التمكن من ضبط الانفعالات
اتزان ومرونة التعامل مع كافة الأطراف
الالتزام بتقديم النتائج المرجوة
وليس من الضروري إيجاد أشكال الترابط القوية في بداية التوظيف ، ولكن حقيقة ما يبحث عنه المدير أو القائد، هو القدرة على التفهم والانسجام السريع مع البيئة المحيطة، والقدرة على تقديم أشكال الاستجابة الجيدة وقت الحاجة
حيث يكون المعيار هو وجود سمة المشاركة والتناغم ضمن منظومة الصفات والخصائص التي يحملها الطاهي الشاب، حتى وإن كانت تتطلب بعض التعزيز أو التطوير، ولكن يقدر لها أن تصبح مثالية في المستقبل، وهي من المعايير التي يجب على المدير أو القائد المثالي توقعها واكتشافها مبكرًا انطلاقًا من خبراته ومهاراته الإدارية.
٣. تقدير المحيط والمكونات
يكون تركيز المسؤول هنا منصب بدرجة كبيرة على مدى إدراك الطاهي لمساحات الحركة والعمل داخل المطبخ التجاري، ونوعية ومستويات المعدات والأجهزة الملحقة به، وكيفية استخدامها، وما تتطلبه من قواعد وأسس في التعامل والتخزين والتحضير، وقدرته على العمل بكفاءة ومهارة عبر المساحات المصممة له لتقديم الأطباق وإتمام مهام التشغيل الموكلة له على أكمل وجه.
ويتجاوز هذا الاهتمام من قبل المسؤول ليشمل كذلك مدى تقدير الشيف للمكونات الغذائية المستخدمة، من حيث التخزين الملائم، والتحضير الاحترافي، والتقديم المميز، بإدراك معيار عدم إهدار الأغذية وإعادة توظيف فوائض المكونات والمنتجات التجارية المستخدمة في إعداد وتقديم الوصفات والأطباق للزبائن.
فكلما ظهر مبدأ التقدير والاحترام من قبل الطاهي تجاه المعدات والأجهزة والمكونات المستخدمة، كلما تضاعفت فرصته للثبات والارتقاء في السلم الوظيفي داخل المطبخ التابع للمطعم أو الفندق، لما يجسده الأمر من معاني هامة مهنية وتجارية، فالمهنية تختص باكتمال صفات الشيف الاحترافية المعنية بتفهم محيط العمل وملحقاته ومستويات الأداء المرجوة لتوظيفها بالشكل المطلوب، والتجارية تختص بالحفاظ على القيمة الكاملة والعمر الافتراضي للمعدات والأجهزة والمكونات والمنتجات المستخدمة – والفائض منها – لأطول فترة ممكنة، مما يوفر المال واستقرار هوامش الربح لمشروعات تقديم الأغذية وخدمات الضيافة.
٤. إيجاد فنون الطهي
ولا يشترط جميعها، بل يتطلب أهمها وفقًا لتخصص الشيف ونوعية القسم الذي يعمل فيه داخل المطبخ التجاري ، سواء التحضير أو القسم الساخن أو الصوصات أو الحلواني.. إلخ، وهي سمة لا يمكن الاستغناء عنها في تقييم واختبار قدرات وسمات شخصية الشيف في المطبخ أثناء عمليات التشغيل المختلفة.
بل وأيضًا إظهار استعدادية التعلم وتلقي الخبرات والمهارات الطهوية المختلفة أثناء فترة الاختبار، فعادة ما يبحث المدير أو المالك عن شخصية الشيف المحبة لتحمل المسؤولية، وتُظهر الولاء للعلامة التجارية، وتسعى خلف الارتقاء بها في السوق التنافسي، وتظهر مؤشرات هذ الأمر من خلال قدرة الشيف على الابتكار في تصميم وتقديم الأطباق، أو تقديم أقصى جودة ممكنة من المكونات والوصفات المحضرة للطهي.
يرحب بتحمل المسؤولية
يُظهر الولاء والاهتمام بالمطعم
يرتقي بالمطعم في سوق المنافسة
وتتضاعف معدلات هذا الاعتماد والتوظيف من قبل قائد الفريق مع ظهور الشخصية والهوية المميزة للطاهي أثناء التعامل مع الأطباق والوصفات المحددة في قائمة الطعام، فكلما أظهر الشيف قدرته على تفهم وشمل وصفات قائمة الطعام بالمعرفة ومهارة الإعداد والتقديم – أو المشاركة فيها -، كلما تضاعفت فرصة الحاجة إليها من قبل المؤسسة أو المشروع الغذائي، وهنا تظهر شخصية وقدرة الشيف على توظيف واستخدام فنون الطهي المختلفة في تقديم هذه الوصفات بأرقى جودة ممكنة، طالما تحلت هذه الوصفات بالسمات والخصائص القياسية الأساسية.
٥. سمات السلوك التجاري
وتعني قدرة الشيف على توظيف الفنون والخبرات الطهوية المتنوعة في الإطار التجاري الخاص بالمطعم أو الفندق أو عربة الطعام، وتتمحور بشكل أساسي حول الأمور التالية:
القدرة على الابتكار وإيجاد الحلول لزيادة الإقبال على وصفات وأطباق محددة مثل التزيين والتصميم الجذاب
المهارة في الإبقاء على الجودة المثالية رغم حجم الكمية الكبير في أيام ازدحام الطلبات
الحفاظ على الهوية والشخصية الغذائية للعلامة التجارية عبر كافة وصفات قائمة الطعام
الاهتمام باتباع معايير وإجراءات الصحة والسلامة الموضوعة من الجهات المسؤولية والمطبقة في المطبخ التجاري
التمثيل الإيجابي والمشرف لعلامة المطعم أو الفندق التجارية في المواقع والمناسبات والاحتفالات والمسابقات الطهوية المختلفة
الاطلاع والتعلم المستمر في سبيل الارتقاء من القدرات والمهارات والمعارف الخاصة بالشيف في سبيل الارتقاء من مستويات الخدمة المقدمة
محاولة الربط بين متطلبات المطبخ الطهوية واحتياجات العلامة التجارية الدعائية والترويجية من خلال الاتصال الدائم مع أقسام التسويق والمخازن والإدارات العليا.
