يسعى المسافرين إلى الحصول على طعام ممتاز يعكس ثقافة وِجْهات سفرهم أو يضيف إحساس المتعة والإثارة والقيمة على رحلاتهم، حيث يمكن تصنيف ٩٥٪ من المسافرين حول العالم على أنهم مسافرون لتناول الطعام وفقًا لملخص من أهم النسب والإحصائيات التي أعدتها " Jersey Island Holidays "، وهو ما يطلق عليه مصطلح " سياحة الطعام " أو السياحة الغذائية.
وهو مصطلح يشير إلى الأشخاص الذين يسافرون للاستمتاع بطعام البلدان الأخرى ولفهم الموقع والتاريخ والهوية والثقافة لمنطقة محددة بشكل أكبر، حيث أصبح يسافر مؤخرًا أعداد متنامية من الأشخاص لغرض وحيد وهو تناول الطعام والشراب وتجربة خدمات الأغذية والضيافة المميزة التي تقدمها وجهات ومناطق سياحة محددة عبر مطاعمها وفنادقها أو حتى عربات طعامها الشهيرة، وهذا المعيار لا يقل أهمية عن المناخ بالنسبة للبعض.
وهو الأمر الذي كان يعد بالسابق صيحة أو اتجاه حديث شائع، ولكنه قد أصبح ظاهرة سائدة مؤثرة ومتنامية بقوة ألقت بظلالها على صناعة السياحة العالمية وأسلوب فكر وسلوك عمل العديد من العلامات التجارية في قطاع المطاعم والفنادق التنافسي حول العالم وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل خاص.
فوفقًا لتقرير حديث بلغت قيمة سوق السياحة الغذائية ١,١١٦.٧ مليار دولار في عام ٢٠١٩، ومن المتوقع أن ترتفع إلى ١,٧٩٦.٥ مليار دولار بحلول عام ٢٠٢٧، مسجلاً معدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ ١٦.٨٪، ويعزو التقرير هذا النمو إلى عدة عوامل، مثل:
الطلب المتزايد على تجارب الطعام الفريدة والمحلية
ارتفاع شعبية وتأثير منصات التواصل الاجتماعي لمشاركة المحتوى المتعلق بالأغذية
الوعي المتزايد بأهمية الغذاء.
كما أن سوق السياحة الغذائية متنوع للغاية، حيث تتمتع المناطق الجغرافية حول العالم بحصص وتفضيلات مختلفة من خدمات الأغذية والضيافة عبر ما تتواجد فيها من مطاعم وعربات طعام وفنادق وغيرها من المنشآت التي تقدم خدمات الأغذية والضيافة ، سواء تلك التي تمثل أوروبا أو أمريكا الشمالية أو آسيا والمحيط الهادئ أو أمريكا الجنوبية أو الشرق الأوسط وأفريقيا.
ولا يشكل الباحثون عن المطاعم والفنادق الخاصة بوجهاتهم السياحية مجموعة متجانسة كذلك، بل هم شريحة متنوعة من السمات والتفضيلات والسلوكيات مختلفة، فعلى سبيل المثال، وعبر التقرير التي ذكرناها في مطلع هذا الخبر، أوضحت "Jersey Island Holidays " أن الـ ٩٥٪ من أولئك المسافرين قبل زيارة وجهتهم، يكون ٨٠٪ مهتم بالبحث عن الطعام والشراب قبل سفرهم، وأن ٧٠٪ من الأشخاص يختارون الوجهة بناءً على الطعام والشراب الموجود هناك.
وكشفت دراسة أخرى أجريت على مواطني الولايات المتحدة أن نسبة كبيرة للغاية ( ٩٥٪ ) مهتمة بالحصول على نوع من تجربة الطعام الفريدة عندما يسافرون، وأن أقل من نصف عينة المسافرين ( ٤٥٪ ) الذين شاركوا في الدراسة قاموا بخمسة أنشطة طهي مختلفة على الأقل خلال رحلهتهم بعيدًا، وحددت الدراسة أيضًا بعض الدوافع الرئيسية للمسافرين لتناول الطعام، مثل التعرف على الثقافة والتاريخ المحليين، وتجربة نكهات جديدة وغريبة، والانغماس في الأطعمة المريحة، والاستمتاع والتواصل الاجتماعي مع الآخرين.
علاوة على ذلك، أظهرت الدراسات أن جيل الألفية هو الجيل الأكثر تأثيرًا في تشكيل سياحة الطعام، حيث يسافر ٧٧٪ منهم للحصول على تجارب أغذية وضيافة لا تُنسى.
ووجدت دراسة أخرى أيضًا أن ٦٣٪ من جيل الألفية يحبون تناول الطعام في الأماكن والمطاعم والفنادق التي تظهر المسؤولية الاجتماعية، مثل استخدام المكونات المحلية والعضوية، ورعاية الحيوانات، والحد من هدر الطعام والأثر البيئي.
كما أشارت إحدى الدراسات إلى أن ٥٩٪ من المشاركين في الاستطلاع عبر الدراسة ذكروا أنهم يعتقدون أن خدمات الأغذية والضيافة المحلية للدول التي يتم زيارتها أصبحت أكثر أهمية الآن مما كان عليه سابقًا، وأنهم يخططون للسفر إلى وجهة مخصصة لعروض فنون الطهي المميزة الخاصة بها فى المستقبل. وسلطت الدراسات الضوء أيضًا على بعض اتجاهات السياحة الغذائية الناشئة والتفضيلات، مثل المأكولات والنباتية، وأطعمة الشوارع، والأطعمة المدمجة، وفن الطهي الجزيئي.
وتُظهِر الإحصائيات المذكورة سابقًا إلى جانب عدة تقارير إلى أن سياحة الطعام هي اتجاه متنامي وفاعل يؤثر على قطاع الأغذية والمشروبات و المطاعم والفنادق بطرق مختلفة، ولكن كيف؟ لعل أهم أشكال هذا التأثير يتجسد في التالي:
١- زيادة الطلب والإيرادات: حيث يمكن للسياحة الغذائية أن تزيد الطلب والإيرادات لشركات الأغذية والمشروبات والمطاعم، حيث يبحث المزيد من المسافرين عن تجارب طعام أصيلة ومتنوعة ولا تُنسى خلال رحلاتهم. فإذا عدنا لإحصائيات الدراسة المذكورة أعلى الخبر، التي تتوقع نمو سوق السياحة الغذائية بنسبة ١٦.٨٪، فهذا يعني أنه سيكون هناك المزيد من الفرص لشركات الأغذية والمشروبات والمطاعم لجذب وإرضاء سائحي الطعام، خاصة في المناطق التي تتمتع بحصة عالية من سوق سياحة الطعام .
٢- زيادة المنافسة والابتكار: يمكن للسياحة الغذائية أيضًا أن تزيد المنافسة والابتكار في قطاع الأغذية والمشروبات و المطاعم ، حيث أن لدى سائحيالطعام توقعات وتفضيلات عالية فيما يتعلق بجودة عروض الطعام والشراب وتنوعها وأصالتها.
فكما ذكرنا سابقًا، يسافر ٧٧٪ من جيل الألفية للاستمتاع بتجارب أكل وشرب لا تُنسى، ويحب ٦٣٪ منهم تناول الطعام في الأماكن التي تظهر المسؤولية الاجتماعية، وهذا يعني أن شركات الأغذية والمشروبات والمطاعم بحاجة إلى تمييز نفسها عن منافسيها، والتكيف مع الاتجاهات والمتطلبات المتغيرة لسوق الأطعمة والمشروبات، ويمكن أن يحفز ذلك الابتكار والإبداع في قطاع المطاعم ، مثل تطوير أطباق ووصفات وخدمات ضيافة وغذاء جديدة، واستخدام تقنيات وأساليب وفنون طهي مختلفة، ودمج المكونات والهويات المحلية والمستدامة.
٣- زيادة التعاون والترويج: سياحة الطعام كذلك تزيد من التعاون والترويج لقطاع المطاعم ، حيث أنها ظاهرة متعددة القطاعات ومتعددة الأبعاد تشمل مختلف أصحاب المصلحة والعوامل، وذلك وفقًا للمبادئ التوجيهية لتطوير سياحة فن الطهو الصادرة عن منظمة السياحة العالمية (UNWTO).
حيث تتطلب السياحة الغذائية نهجًا استراتيجيًا وتعاونيًا يشمل المجتمع المحلي وشركات الأغذية والمشروبات ومشغلي السياحة والمسافرين؛ لتخطيط وتطوير وإدارة هذا المفهوم، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تعزيز التعاون والتكامل بين قطاع المطاعم والفندقة مع القطاعات والجهات الفاعلة الأخرى، مثل منظمات تسويق الوجهات " DMOs - Destination Management Organizations " والمنتجين المحليين، ومهرجانات الطعام، والفعاليات، والمتاحف، ومناطق الجذب السياحي.
ويمكن أن يؤدي ذلك أيضًا إلى تعزيز التسويق والعلامة التجارية لقطاع تقديم الأغذية وخدمات الضيافة ، بالإضافة إلى الوجهة، من خلال استخدام الطعام والشراب كميزة خاصة وجذابة لوضع الوجهة والترويج لها في سوق السياحة العالمي التنافسي.
تعرف على كل جديد في مجال الطهاة والمطاعم والفنادق من خلال آي هوريكا
المنصة المتخصصة للطهاة ومجال الأغذية والضيافة