تعد مهمة نقد الأغذية واحدة من المجالات المهنية شديدة الخصوصية والأهمية والإثارة في إطار العمل بمجال تقديم الأغذية والمشروبات وخدمات الضيافة في المطاعم والفنادق والمنشآت المختلفة المعنية بهذه الصناعة.
وبرغم كونها إحدى المهن القديمة في الدول الغربية، حيث أحيطت بأدق معايير القياس والتكوين، ووضعت لها المناهج الدراسية والأفكار والتوجهات وأساليب قضاء متطلباتها واحتياجاتها من المعارف والعلوم والخبرات، إلا أنها لا تزال واحدة من أحدث مجالات العمل في الدول الشرقية، يحيطها العديد من التساؤلات والعوائق والتحديات التي تفصل بينها وبين القدرة على توظيفها بمثالية في بيئة العمل التنافسية.
فناقد الطعام –" Food Critic" هو شخص يسعده للغاية التعرض لخدمات الأغذية والضيافة المقدمة عبر المنشآت المختلفة، وتذوق وتحليل مجموعة متنوعة من الأطباق والمشروبات، إلى جانب العديد من المعايير والجزئيات الهامة مثل تجسيد هوية العلامة التجارية عبر الأغذية المقدمة، ومدى تناسق أساليب الضيافة، وسلامة تصميم وتطبيق إجراءات الصحة والسلامة الغذائية، إلى جانب إدراك وتوظيف جوانب التكوين الغذائي السليم والمتكامل والكافي لإشباع احتياجات الضيوف أو الزبائن -وفق الكمية المطلوبة من طرفهم-، وغيرها من جوانب الرصد والتحليل والتقييم التي يتطرق إليها ناقد الأغذية المحترف حتى يتمكن من وضع تصور نهائي سليم عن مدى كفاءة خدمة الغذاء أو الضيافة أو المطروحة من قبل المنشأة.
ولا يتعلق أمر ناقد الأغذية بالتقييم فقط، بل يمتد للرغبة في مشاركة تجاربه مع الجمهور من خلال الكتابة والتعبير عن هذه الممارسات والخبرات التي يمر بها على مدار رحلته العملية والعلمية، فيكتب نقاد الطعام مراجعاتهم الخاصة وتحليلاتهم ومقالاتهم النقدية للصحف والمجلات والنشرات المختلفة وخاصة المتعلقة بالسفر، والمواقع ذات الصلة بالأغذية والأنظمة الصحية المختلفة.
حيث يعلقون على خدمة المطعم والعرض التقديمي وأجواء الضيافة، كما أنها توفر في بعض الأحيان مقارنات وآراء ومناقشات حول أطباق مماثلة في مؤسسات أخرى، وهو ما تطرقنا إليه مسبقًا عبر مقالنا: " ٧ خطوات تساعدك على التعامل بكفاءة مع نقاد الأغذية في مطعمك "، حيث أوضحنا كيفية تعامل المطاعم ومنشآت الأغذية المختلفة مع نقاد الأغذية بمثالية أثناء تواجدهم في مساحات الضيافة أو الاستقبال أو أثناء التعرض لواحدة من عناصر قائمة طعامك الخاصة.
فالاستمتاع بالطعام هو شرط أساسي لتصبح ناقدًا للطعام، حيث يتطلب من نقاد الغذاء المبتدئين تعزيز جانبين أساسيين من المهارات:
· يجب أن يمتلكوا المعرفة العلميةوالمهنية المعنية بصناعة المواد الغذائية والمزج بينها
· امتلاك مهارة الكتابة النقدية المتزنة والتعبير السليم الهادف والبناء
لذلك فأنه لا يلزم الحصول على تعليم رسمي أو درجة علمية للدخول في هذا المجال ولكن العديد من نقاد الطعام يحصلون على درجة البكالوريوس في اللغات أو الصحافة أو مجالات الاتصالات، وقد يختار البعض إكمال درجة البكالوريوس في فنون الطهي أو أخذ دورات لتعليم أنفسهم في مجالات تكوين الطعام والكيمياء وتقنيات الطبخ والأنماط والأساليب والفنون والمفردات الخاصة المتعلقة بهذا المجال.
وقد يتوجه منتقدو الطعام أيضًا نحو المدارس التي تقدم مناهج في وسائل الإعلام الغذائية أو مراجعة الأغذية، فلا يعمل جميع نقاد الطعام في وسائل الإعلام المطبوعة، ويجب على أولئك الذين يقدمون مراجعاتهم لوسائل الإعلام الإذاعية مثل الراديو أو التلفزيون أو الإنترنت المباشر تنمية وتطوير مهاراتهم في الاتصال المرئي والمسموع.
في البداية عليك إدراك أن ناقد الأغذية المحترف هو أحد حلقات الوصل الشهيرة بين ثلاث أطراف أساسية هي:
· المنشأة المقدمة لخدمات الأغذية
· الضيوف والزبائن والمتذوقين
· مجال خدمات الأغذية وفنون الطهي
حيث يكلف بتوظيف المهارات والخبرات وكذلك القدرات في تذوق وتقييم والأطباق واتخاذ قرارات نحوها ما إن كانت ملائمة لفكر المنشأة ورغبات فئات الضيوف المحددين من قبل المالك أم لا، وما هي أفضل خيارات التطوير والتعديل على هذه الأطباق والمشروبات والخدمات المقدمة، وذلك انطلاقًا من إدراك جوانب فنون الطهي العلمية والمهنية.
وهنا تتحقق العلاقة الثلاثية بين الأطراف المختلفة، فالفائدة تكون للمنشآت في تقدير مدى كفاءة الخدمات المقدمة، ومن ناحية أخرى تكون القيمة للمتابعين والمراقبين لتحركات وآراء ناقد الأغذية المحترف؛ وذلك في سبيل إدراك أفضل وجهات التذوق التي يمكنك تجربتها والاستمتاع بالوجبات فيها، وبالأخص عندما يتعلق الأمر بالإطار السياحي، واختبار مدى تميز ومثالية أنواع الأطعمة والمشروبات المقدمة في وجهة سياحية ما.
فلك أن تتخيل مدى الإيجابية والمنفعة الاقتصادية التي يمكن أن تحققها العلامة التجارية التابعة لإحدى هذه المنشآت عند استعانتها بأحد نقاد الأغذية المشهورين عالميًا لتقييم ما تقدمه من خدمات ضيافة مرفقة بالأغذية، وهو الناقد الذي يمتلك أعداد كبيرة من المتابعين والسائحين الراغبين في زيارة وجهتك السياحية، فمن ناحية تتمكن من الترويج لخدماتك، وتطوير أطباقك، وإبراز فنون الطهي الخاصة التي تتميز بيها بيئتك الخاصة.
كما يصادف أن الكثير من نقاد الأغذية يعدون من الكتاب والصحفيين المتخصصين في مجالات الأطعمة والمشروبات، حيث يتمكن من تلخيص تجربة تناول الطعام ونقل تلك التجربة إلى القراء أو المشاهدين أو المستمعين، وقد يشمل ذلك:
· وصفًا للطعام، سواء كان طعمه جيدًا أم لا
· شكل وحجم الخدمة المقدمة " Portion size"
· أجواء المطعم المحيطة بالضيوف وملاءمة مساحات الجلوس ومرفقاتها
· القيمة المادية المدفوعة في مقابل خدمات الأغذية والضيافة المقدمة
· مدى جودة أداء مقدمي الخدمة لعملهم
لذا يجب أن يكون لدى ناقد الطعام الإدراك والمعرفة المناسبة لهذه الصناعة، ويجب أن يكون قادرًا على التقاط جميع الحقائق المهمة بتنسيق مكتوب، ويكون جذابًا ومميزًا في عرضها، وغنيًا بما يطرحه من آراء ومعلومات.
ويكاد لا يظهر نقاد الطعام وجوههم أبدًا، عندما يكتبون تعليقات عن المطاعم؛ وذلك لتقليل احتمال أن يتعرف عليهم أصحاب المطاعم ويعاملونهم معاملة خاصة، وهذا يعني الحفاظ على جميع ملفات تعريف الوسائط الاجتماعية خالية من الصور وتقييد المظاهر العامة أيضًا، فيجب أن يتم الحجز باسم غير الناقد ويجب دفع وجبات الطعام مقابل استخدام النقود أو بطاقة الائتمان التي ليست باسم الناقد.
فالهدف النهائي لنقد المطعم هو تجربة المطعم تمامًا كما يفعل الزبون العادي دون أي اهتمام خاص، ولكن ذلك لا يمنع وجود شق آخر من نقاد الأغذية العارضين لخدماتهم عبر كافة القنوات الاتصالية للمنشآت بهدف تقييم وجباتهم وأجواء الضيافة لديهم، وهو ما يكسب هذه المهنة المزيد من الإثارة والتشويق.
ومن هنا يمكننا تلخيص مسؤوليات الناقد الغذائي على أنها:
· تقييم المعايير والأسس المشكلة لخدمات المطاعم ومدى كفاءة وجودة الطعام باستمرار
· الاطلاع على أحدث الصيحات والأساليب والاتجاهات والميول فيما يتعلق بفنون الطهي وخدمات الضيافة ومعايير التصميم وأسس التسويق والإعلان
· الحفاظ على مهارات إدارة الوقت، وتلبية المواعيد النهائية للتقييم والنشر، والالتزام بمعايير الشخصية المحترفة
· المقابلة التفاعلية الثرية مع الملاك وممثلي العلامات التجارية وقادة الصناعة والمسوقين والمروجين والخبرات والمختصين بهذا المجال
· تقديم ملخص مكتوب بطريقة واضحة وغير منحازة للصحف والمجلات ونشرات السفر والمواقع الإلكترونية، والقدرة على صناعة محتوى مرئي أو مسموع
ولإتمام المسؤوليات السابقة بمثالية وتميز، يتعين على ناقد الأغذية الاتسام بمجموعة من المهارات، أهمها:
· فهم توقعات القارئ لتقييم جودة الأغذية ومعايير الخدمة المقدمة
· تقدير الكتابة الإبداعية وامتلاك القدر الملائم من الثروة اللغوية للتوظيف في المحتوى النقدي المستخدم
· التمتع بموهبة التذوق بما يتخللها من فعالية حواس الجسم من الشم واللمس والسمع والبصر
· أن تكون قادرًا على السفر وأحيانًا لمسافات طويلة
· امتلاك مهارة إدارة الوقت والقابلية على أداء مهام متعددة في وقت واحد
حيث تعد هذه المهنة تنافسية، ويمكن أن يكون من الصعب الحصول على فرصة فيها، فيبدأ العديد من نقاد الطعام من خلال تنظيم زياراتهم الخاصة إلى المطاعم التي يحبونها وإنشاء محفظة خاصة بهم من المراجعات والتقييمات بما يتخللها من مميزات وسلبيات، ويصبح العثور على عمل جديد أسهل مع كل مقالة منشورة؛ لذلك تكون البداية في غاية الصعوبة، ثم تصبح سهلة تدريجيًا كلما تمكن الناقد من مضاعفة حصيلة المعارف والخبرات المكتسبة.
ويعمل معظم نقاد الطعام بشكل مستقل وينشرون محتوياتهم النقدية عبر مختلف الصحف والمجلات والمواقع ذات الصلة بالأغذية والمشروبات، ومع ذلك تظل منشورات مواقع التواصل الاجتماعي واحدة من أسرع الأساليب الفعالة والمؤثرة في مجال نقد الأغذية على المستويين الشخصي المتعلق بترويج خبرات الناقد، والمستوى العام المتعلق بتقييم خدمات المنشآت ومساعدة المتذوقين والزبائن على اتخاذ القرارات وترتيب قوائم أولوياتهم.
ويذكر عبر هذه السطور واحدة من أهم التحديات التي تواجد ناقدي الأغذية في مجال هذه المهنة، وهي التنقل المستمر والتجربة المتتابعة للعديد من المنشآت المقدمة للأغذية في مناطق جغرافية مختلفة وعبر مناهج ضيافة متنوعة؛ فعلى سبيل المثال يكونون على موعد مع نقد أحد المطاعم الفاخرة تتطلب الاستمتاع بالأجواء الفخمة، وقد يجدون أنفسهم بعدها بفترة زمنية ضئيلة للغاية، يتناولون الغذاء في مطاعم عائلية، أو يقومون بتذوق إحدى أطباق عربة طعام في منطقة.
يمكنك قراءة أيضًا:
١- التعلم
يحتاج نقاد الطعام الناجحون إلى كل من الذوق الراقي ومهارات الاتصال المتطورة، فتتمثل مهمتهم في التقاط طعم وملمس ومظهر ورائحة الأطباق التي يراجعونها، ويحصل طلاب المهنة الجادون – ٧٠% منهم في الواقع - على درجة البكالوريوس في الصحافة أو ذات الصلة بالصحافة بعد تخرجهم من المدرسة الثانوية أو دبلوم التعليم الفني، ويثقلون هذا التعليم الرسمي بالتفكير النقدي في توصيل الآراء الإيجابية والسلبية للأطعمة؛ وبالإضافة إلى ذلك فهي تساعدهم على زيادة المقدرة على التنافس بفعالية للحصول على فرصة أكبر في السوق التنافسي من قبل المنشآت المعنية بمجال هذه الصناعة، فالتعلم وجني أصول المعرفة المتعلقة بفنون الطهي والعناصر والمكونات الغذائية والأنظمة الصحية المتعددة هي خطوة غاية في الأهمية للناقد الباحث عن التميز والاحتراف.
٢- اكتساب الخبرة
وهي تتطلب إتمام مجموعة من الأمور، كالتالي:
· تطوير حاسة التذوق
حيث يحتاج نقاد الطعام إلى التعرف على المأكولات والمكونات المتنوعة التي يعمل على تقييمها، ففي المطاعم عليك أن تطلب أطباق غير مألوفة، وتحليل مكونات وخصائص كل شيء تأكله، لتسأل نفسك في النهاية إذا ما كانت: هل تتلاءم وتتوافق النكهات مع بعضها البعض أم لا، إلى جانب ضرورة التعرف على أهم الخطوات و" التكنيك " الذي استخدمه الشيف لإعداد طبق معين، لذا عليك السعي خلف تذوق وتجربة كل شيء؛ لأن نقاد الطعام لا ينجحون في هذا المجال من خلال مراجعة الأطعمة المألوفة فقط.
· تطوير مهارات الكتابة النقدية
حتى إذا لم تكن أول وظيفة لك تتعلق بمجال الكتابة بشكل عام أو حتى بشكل خاص عن مجال الأغذية، فليس ذلك بالأمر الحتمي، ولكن يمكنك توظيفها كنقطة انطلاق أساسية لبناء مهنتك كناقد الطعام، وفي أثناء الحصول على شهادتك الجامعية يمكنك محاولة الكتابة في إحدى مطبوعات جامعتك أو منشور على إحدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، حيث أنها خطوة ستساعدك على الحصول على المزيد من الخبرة، كما لا تترد في البحث عن جهة توفر فرصة كتابة عمود طعام أو عمود مراجعة وتقييم مطعم محلي حول محل إقامتك، وأيضًا لا تتردد في كتابة بعض المراجعات والنقد والتقييم غير مدفوع الأجر بدافع اكتساب الخبرة.
وبما ان الناقد الغذاء الناجح يقدم أكثر من مجرد النقد، فيجب عليك اتباع نهج التقييم على مستوى – "Scale"- أوسع، حيث تضمين أجواء التذوق وشكل الخدمة وجودة الاستقبال والضيافة، مع الحرص على الكتابة بأمانة وثقة وتجنب المصطلحات والتراكيب اللغوية المعقدة، وتذكر أن جمهورك متنوع وأنهم ليسوا جميعًا من عشاق الطعام، وأيضًا تجنب ذكر نفسك واستخدام ضمائر المتكلم مثل "أنا"، بل اجعل كلماتك دائمًا موجهة نحو المطعم.
· التعرف على النقاد المحترفين
حيث تتضاعف معدل الخبرات المكتسبة بمجرد التعرف على النقاد المحترفين المتواجدين في السوق التنافسي، فدراسة تقنيات وأساليب أولئك الذين أصبحوا منتقدين منذ وقت طويل أمر أساسي للعثور في النهاية على أدائك ونهجك تجاه المهنة، فيجب أن تقرأ وتستمع إلى عمل النقاد الذين يراجعون المأكولات المتنوعة وتتعلم من خبراتهم؛ ولكن يجب عليك أيضًا تفادي التقليد، والحرص على امتلاك الشخصية والأسلوب الخاص، كما لا تتردد في البحث عن تدريب داخلي مع ناقد طعام محترف لاكتساب خبرة ذات صلة تضيفها إلى خبراتك، وعادةً ما يجري المتدربون أبحاثًا ويؤلفون قصصًا عن المطاعم أو التغذية أو أخبار الطهي، لذا احرص على جعلها إحدى مصادرك الأساسية للاطلاع واكتساب الخبرات.
· كن مجهولًا
يفضل نقاد الطعام الحفاظ على خصوصيتهم حتى لا تتعرف عليهم المطاعم وتتلاعب بجودة الطعام أو الخدمة المعتادة لصالحهم، وعلى الرغم من أنه ليس من الضروري الكتابة تحت اسم مستعار فإن الإعلان عن نفسك كناقد للطعام أثناء تناول الطعام بالخارج أمر غير احترافي وغير بديهي -وفق رأي العديد من النقاد في هذا المجال-.
· عزز مكانتك كناقد
ستحتاج إلى كسب مكانتك المجتمعية والوظيفية كناقد طعام قبل أن تحصل على وظيفة بدوام كامل فابدأ في عرض مواهبك وخبراتك ومقالاتك عبر صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة والمواقع المحتضنة لهذه النوعية من المقالات النقدية، من خلال نشر التقييمات والمقالات النقدية والمنشورات التعليمية والتوجيهية، ويفضل دائمًا التوجه نحو الاعتماد على المنشورات النقدية المحلية قبل أن تشق طريقك إلى المنشورات الأكثر شهرة والمتعلقة بالصحيات والتوجهات وفنون الطهي الإقليمية والعالمية، وتأكد من قراءة إرشادات عرض المنشورات - المتاحة بشكل عام على مواقعها الإلكترونية - قبل التواصل والتعاون معها.
· يمكنك الآن البحث عن وظيفة
بعد اكتساب بعض الخبرة ابدأ في البحث عن وظائف لنقد الأغذية بدوام كامل، واستمر في العمل المستقل لدعم سيرتك الذاتية ورؤيتك في الميدان، فقد تتلقى في نهاية المطاف ما يكفي من قبول لتصبح ناقدًا للطعام المستقل بدوام كامل، وهو دور يوفر مرونة أكبر، ومساحة اطلاع وتعلم أوسع.
٣- الانتشار وبناء شبكات التواصل
حيث الظهور على الساحة، والتنافس بفاعلية في محيط البيئة الخاصة بالناقد المحترف، وهي خطوة غاية في الأهمية لبناء الاسم والسمعة الخاصة بالناقد، وإيجاد القدرة على الارتقاء من مستوى العلاقة الثلاثية التي طرحناها عبر السطور السابقة، حيث الجمهور والمنشآت وفنون الطهي.
وتتطلب هذه الخطوة الاهتمام بإتمام بعض الأمور، مثل تكوين شبكة اتصال للعمل المحترف، حيث يتطلب من الناقد المحترف الانضمام إلى المنظمات المهنية مثل الجمعيات الصحفية والجمعيات الطهوية، حيث توفر هذه المنظمات الاتصال بالأشخاص والملاك وحتى الرواد المختصين والمعنيين بمجال هذه التجارة، كما يساهم في زيادة احتمالات المشاركة في الندوات والمؤتمرات وبالتالي تسنح لك الفرصة بمزيد من الانتشار والظهور على ساحة التنافس إلى جانب تلقي المعرفة والخبرة.
كما سيساهم نشر المراجعات والتقييمات والنقد البناء الخاص بك على مدونتك الشخصية أو موقعك على شبكة الإنترنت في الحصول على منصة كتابة تفاعلية ومتابعة أعلى من قبل المتذوقين والمتصفحين المهتمين بمجال الأغذية وأفضل خدمات الضيافة المقدمة، لذا لا تتردد في بناء مدونتك الخاصة، وانطلاقًا من هذه الجزئية عليك أن التفكير في خيار التواصل مع المطاعم المحلية أو تلك التي تزورها خارج إطار بيئتك التنافسية -أو المحيطة- لتوسيع قاعدتك الجماهيرية من المتابعين وللحصول على مزيد من الجذب والشهرة، وضع في اعتبارك إمكانية إضافة جوانب أخرى مثيرة وشيقة تتعلق أيضًا بالأغذية والمشروبات وخدمات الضيافة، مثل:
· نصائح لنقاد الطعام الطموحين
· عناصر الطبق المثالي
· أهم الوصفات المكتشفة حديثًا
· كيفية تصميم أطباق ملائمة للأنظمة الصحية
وفي النهاية عليك أن تدرك أهمية شخصية ناقد الأغذية، وإذا ما كنت تبحث عن السبل والمناهج لتصبح ناقدًا، يجب عليك أولاً التأكد من قدرتك على تلبية جميع متطلبات الوظيفة والاستمتاع بها، أي يتطلب منك في البداية النظر في كل من إيجابيات ومتطلبات وتحديات وكذلك عوائق هذه المهنة لتحديد ما إذا كنت عاشقًا ولائقًا لها أم لا.
كما عليك أن تدرك أهمية الحفاظ على الصحة البدنية والسلامة الذهنية في التعامل مع مشاق واحتياجات هذه المهنة، فلا تنسى أن العقل السليم في الجسم السليم، ولا تعني كلمات مثل "نقد الأغذية" ضرورة أن يتسم الناقد بالوزن الزائد أو المبالغ فيه، لما تتطلبه المهنة من القدرة على التفكير السليم والكثير من الحركة والملاءمة الجسدية والعضوية الحيوية لتذوق وتجربة كافة الأغذية والمشروبات المقدمة عبر المنشآت الخدمية المختلفة في مجال هذه الصناعة.
ولا تظن أبدًا أنه هناك مسار واحد تقليدي معتاد لكي تصبح ناقد أغذية ناجح ومتميز، بل أصبح العديد من الفئات الشابة يمتلكون القدرة على التطرق إلى هذا المجال بسهولة عبر إنشاء مدونة خاصة والانتشار والتفاعل المثالي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن حقيقة التميز هنا تظل معتمدة -ليس فقط على الانتشار وامتلاك الشخصية والكاريزما- بل ما يمتلكه هذا الناقد من علم وخبرة تضفي القيمة والأهمية على ما يطرحه من أفكار وآراء وتقييمات على الخدمات المقدمة، تفتح آفاقًا جديدة من التفكير والتطوير من قبل الملاك والتجار من ناحية، وتستعطف أو تؤثر على الأفكار والتوجهات الخاصة بالزبائن والمتابعين للناقد من ناحية أخرى، حيث تصب جميع الأهداف نحو تطوير مجال فنون الطهي وتقديم الأغذية وخدمات الضيافة، وهنا تكمن الأهمية الجوهرية لناقد الطعام المحترف.
٣ خطوات لتصبح ناقد أغذية محترف