استضافت جمعية الطهاة المصريين في جلستها الصباحية الثانية من " اسأل الشيف " الشيف ماجد محسن، شيف حلواني تنفيذي بفندق سوفيتيل الجزيرة القاهرة.
وقد جاءت هذه الجلسة في نسخة خاصة من حلقات هذا البرنامج التدريبي الذي يستهدف عينة الطهاة الشباب المنتسبين للجمعية، والباحثين عن المعرفة والخبرة في مجالات الطهي وتدشين المطاعم وتقديم خدمات الضيافة المثالية.
وأجاب الشيف ماجد محسن خلال فعاليات الجلسة على جميع تساؤلات الحضور فيما يتعلق بمجال تصنيع منتجات الحلواني، وتدشين وإدارة المنشآت والمشروعات والأعمال المقامة وفقًا لها.
٤٤ عامًا من من التدرب والعمل والمنافسة في العديد من المواقع حول العالم، ومنها فرنسا وألمانيا، جعلت لماجد محسن باع طويل من الخبرة والمعرفة العملية والتميز الابتكاري في مجال الحلواني.
وذلك إلى جانب ما امتلكه من بريق خاص في العديد من منافسات الـ "Pastry" الدولية والمحلية، والتي حصل فيها على العديد من الميداليات الذهبية والفضية، وقد دارت فعاليات ومناقشات الجلسة الصباحية بالجمعية حول العديد من الأسئلة والجزئيات التي تَشْغل أذهان الحضور من الشيفات الشباب والعاملين في الفنادق والمطاعم.
"الحلواني .. أكثر مما تتخيل"
كانت هذه بداية الحديث في جلسة الشيف ماجد محسن، حيث كان التوضيح أولًا لدور شيف الحلواني في المطاعم والفنادق، وما يقع على عاتقه من مهام ووظائف لا يدركها العديد من الطهاة الشباب المقبلين على هذا المجال أو حتى العاملين في مجالات الطهي المختلفة بشكل عام، حيث يقول الشيف "محسن": " الشيف الحلواني لا يقوم فقط بتصنيع قطعة الحلوى المقدمة إلى الزبائن، بل هو يتخصص في تصنيع أشكال مختلفة منها تتناسب مع طبيعة المنشأة التي يعمل بداخلها، وبإسلوب خاص يساعد على تمييز علامتها التجارية.
ويضيف قائلًا: "إلى جانب أنه مسؤول عن مراقبة ومتابعة تصنيع ووضع "البوفيهات" الملزمة منه داخل الفندق أو المطعم وكذلك خارجها، وذلك بالحديث عن المؤسسات والمناسبات والاحتفالات الخاصة التي تتطلب وجود "بوفيهات" من مطابخ الحلواني، ولا نتجاهل متابعة أحدث التريندات ومراقبة جودة المنتجات والخامات وأساليب التخزين والطهي المتبعة من قبل فريق الطهاة الخاص به، هذا إلى جانب ما يتم تحضيره من أفكار منتجات مبتكرة للمنافسة بها في المسابقات المحلية والدولية".
ويؤكد على دقة هذه المهنة قائلًأ: "وهذا كله يأتي إلى جانب دقة وحساسية ما تتعامل معه من مكونات وخامات ومقادير ووصفات، فالخطأة البسيط الواحد يعرض منتجك بأكمله للفشل، على النقيض من المطابخ الأخرى التي يمكنك التعديل والتغيير فيها سريعًا دون القلق من تغير الناتج النهائي، أنت هنا لا تمتلك خيار التعديل ، فإما نجاح أو فشل".
"العلاقات مهمة للغاية .. داخل المطبخ وخارجه"
أوضح الشيف ماجد محسن أن بناء العلاقات بين أقسام المطبخ المختلفة أمر غاية في الأهمية، حيث أن أول خطوة يجب على الطاهي الشاب إدراكها، هو التعرف على أقسام المطبخ الذي يعمل بداخله، وخاصة مطبخ الحلواني، وأن يقيم علاقات طيبة مع طواقم العمل في هذه الأقسام، ولا مانع مطلقًا من التعرف على طبيعة المهام التي يقومون بها والتدرب على أدائها، لأن هذا الأمر سيعود بالنفع عليه أولًا في تطوير مهاراته الشخصية.
وتابع قائلًا: "أما إذا كنت شيفًا متمرسًا أو مديرًا لمجموعة من الشيفات العاملين تحت يديك، فأنت بحاجة لبناء علاقات شخصية طيبة معهم، لأنك كشيف حلواني، لن تمتلك الكثير من الوقت بسبب ما تمتلكه من التزامات ومهام كثيرة للغاية خارج المطعم أو الفندق، فإن كنت تمتلك علاقات قوية ومثالية مع فريقك الخاص في المطبخ، ستضمن فعالية وإنتاجية ما يقدموه من وجبات للزبائن".
"لا تفتخر بذاتك .. وشارِك خبراتك"
يؤكد الشيف "محسن" على ضرورة أن تكون شخصية الشيف متواضعة، مبتعدة قدر الإمكان عن الافتخار بالذات المبالغ فيه، لأنه كلما ازداد هذا الشعور لدى الشيف، تغلبت الأنا بداخله على رغبة المعرفة، ومهنة الحلواني ما هي إلا معرفة، مؤكدًا على خطورة ما يؤول إليه هذا الشعور من تدمير شخصية الشيف، وتوقف مراحل تطور خبراته.
واستكمل تنبيهه قائلًا: " واحدة من علامات الشيف المتواضع، امتلاك القدرة على مشاركة وتعليم الخبرات المكتسبة للباحثين عنها من حوله، وخاصة المستجدين في مجال العمل، حيث لا تتوقف قدراته عند حد الابتكار والتفنن في تصنيع أطباق الحلويات، بل يمتد لحدود نقل الخبرة للأجيال المتعاقبة، خاصة إذا كان الشيف يمتلك مدرسة من صنعه الخاص في مجال الحلواني، هكذا يحقق معيار الدوام لاسمه وشهرته الخاصة"
"احذر من الروتين"
"لا تسيئوا فهمي .. النظام أمر لا بد منه في العمل داخل مطبخ الحلواني .. ولكن ابتعد عن الروتين"، كانت هذه هي كلمات الشيف ماجد عندما تطرق بالحديث عن تطور مهارات الشيف الحلواني الشاب، حيث حذر من خطورة اتباع نفس الخطوات العملية بشكل يومي لفترات طويلة، موضحًا أنها لا تثقل مهارات العمل في المطبخ أو تزيد من الحصيلة المعرفية في عالم الطهي، وخاصة في مجال صنع الحلويات.
معللًا بقوله: " لابد من التجديد والتطوير في عملك وما تمتلكه من قدرات وخبرات من خلال التعرف على مهام جديدة، أو القيام بأداء وظائف مختلفة عن سابقتها، وهذا هو الفرق بين من يبحث عن التطوير والارتقاء بمستواه الوظيفي في هذا المجال، وبين من يبحث عن المال وتصنيع الحلويات في المطبخ فقط، لذا احذر من الاعتماد على أداء الروتين لعدة أعوام دون تطوير، فأنت تمتلك العديد من الساعات بعد مواعيد الانصراف، قم باستغلالها جيدًا، وذلك إذا ما أردت الخروج عن إطار المألوف وصناعة جودة راقية وبصمة خاصة".
"لا تخشى الانشغال والتنقل باستمرار"
أكد الشيف ماجد محسن خلال لقائه في الجلسة على عدم خشية الانشغال التام بالعمل داخل المطبخ، قائلًا: "بدايات الطريق دائمًا ما تحمل مجموعة من المتطلبات الأساسية، أهمها الانشغال عن الأصدقاء والعائلة لأيام وشهور متتالية دون اتصال، وهذه هي ضريبة النجاح في هذا المجال، لما يحتاجه من أوقات تدريب ودراسة طويلة للغاية، وهنا يظهر مدى شغفك بالطهي وحب تصنيع الحلوى".
كذلك أكد على عدم خشية التنقل كثيرًا من موقع عمل إلى آخر، قائلًا: "أعلم أن كثير من الشباب يخافون من فكرة التنقل من موقع وظيفي إلى آخر، قلقًا من أن يُفهم هذا التنقل بشكل خاطئ من قبل ملاك وإداريي المطاعم، ولكن في حقيقة الأمر أنت بحاجة إلى هذا التنقل والتغيير من موقع إلى آخر، ومن إدارة لأخرى، والأهم، من مدرسة طهي لمدرسة أخرى في نفس المجال الذي تعمل فيه"
ويضيف: "ولكن احذر .. أرجو ألا يكون انتقالك هذا بحثًا عن فرصة مادية أفضل فقط، بل يجب أن يكون انتقالك هذا لسبب فني هام، كأن تكون الوجهة الجديدة متضمنة لشيف متميز في المجال الذي تبحث عن التخصص والتميز فيه، أو أن تكون هذه الوجهة تمتلك مجموعة متطورة من التكنولوجيات والأدوات المستخدمة في مجال عمل الحلواني والتي ترغب في التدرب على استعمالها."
"التعلم في هذا العصر مختلف"