٦ ممارسات تساعدك على تحقيق مفهوم الاستدامة في المطاعم والفنادق

تعرف على معايير وإجراءات تحقيق مفهومي الاستدامة وصداقة البيئة بمثالية
27 تشرين الأول 2019 بواسطة
٦ ممارسات تساعدك على تحقيق مفهوم الاستدامة في المطاعم والفنادق
iHoreca Blog Team

تعد المنشآت المستدامة صديقة البيئة واحدة من أهم الاتجاهات الحديثة في مجال السياحة العالمية، وتصب أنشطتها نحو التطوير في مجال البيئة المحيطة والإبقاء على مثالية الممارسات التجارية.

وذلك دفعها لأن تكون واحدة من أهم الصيحات المصرية المتبعة في إطار الخطط الموضوعة لتعزيز البيئة السياحية المصرية، وخاصة عندما يُذكر مجال تقديم خدمات الأغذية والضيافة عبر المطاعم والفنادق، فيمكنك سماع مصطلحات مثل "الفندق البيئي – Eco Hotel"، أو "الفندق الأخضر – Green Hotel"، وكذلك بالحديث عن المطاعم.

وانتشر هذا المفهوم بقوة في مصر خلال الـ ١٠ أعوام السابقة، حيث بدأت الجهات المختصة والمعنية بخدمة وتطوير هذا القطاع تولّي اهتمامها نحو توظيف أهم التوصيات والإرشادات العالمية المتخذة تحقيقًا لهذا المفهوم، واستطاعت أن تبدأ خطة تحويلها للعديد من الفنادق لمنهج التصاحب مع البيئة منذ عام ٢٠٠٧، إلى جانب توضيح جانبها الإيجابي من الإبقاء على الأعمال والممارسات التجارية الخاصة بصحاب رأس المال.

وتم بالفعل إيجاد شهادة خاصة للمنشآت التي تتخصص في تقديم هذا النوع من الإجراءات انطلاقًا من اعتناقها لهذا المفهوم، والتي تعرف بشهادة "النجمة الخضراء"، وهو برنامج قومي ذو علامة تجارية معترف بها من قِبل المجلس العالمي للسياحة المستدامة "GSTC"، وأي فندق يطبق مواصفات وزارة السياحة الخاصة يحصل على هذه الشهادة.

ويحفز هذا الأمر توجه الفنادق -كفئة أولى وفق خطة توجيه جميع المنشآت السياحية المصرية – للتحول إلى مفهوم الاستدامة، لتصبح بذلك مقصد سياحي أخضر، من خلال رفع الكفاءة في استخدام مصادر المياه والطاقة وتدوير المخلفات، مما يؤدي إلى الحد من الاستهلاك، وما يتبعه ذلك من تحقيق مردود اقتصادي إيجابي على المنشأة.

ولا تختلف المطاعم عن الفنادق كثيرًا، فهي تمضي قدُمًا نحو الاستعداد لتطبيق مفاهيم الاستدامة وصداقة البيئة، وهذا الحديث عن المطاعم التي تقبع خارج الفنادق، فتلك الأخيرة بالتأكيد تلتزم بقواعد الفندق الخضراء إن كان يمتلك شهادة النجمة، وجميع هذه الممارسات تتهتم بالبحث عن جميع الحلول الخضراء الممكن تحقيقها، خاصة إن كانت ما وراء أبعاد وحدود عمليات الطهي داخل المطبخ.

وعددها ٨٣ فندقًا، يشارك في برنامج النجمة الخضراء، بمناطق القاهرة وشرم الشيخ وطابا والغردقة ومرسى علم، بطاقة استيعابية تقرب من ٢٠٠٠٠ غرفة، بما يعادل ٨.٥% من إجمالي الأعضاء بغرفة المنشآت الفندقية

لماذا وكيف زاد الاهتمام بهذا التوجه؟

وقبل التوغل في طبيعة هذه الممارسات الخضراء واشتراطاتها الخاصة، يجب أولًا إدراك سبب الاهتمام والتوجه نحو احتضان مثل هذه المفاهيم عالميًا ومحليًا.

وتكمن الإجابة في الترابط والتكاتف لمجموعة من الأحداث والظروف العالمية المتعاقبة بشكل تصادفي مثير، سواء بتأثيرها الإيجابي أو السلبي، خالقًا الحاجة لإيجاد مثل هذا التوجه ضمن أجندة الاهتمامات السياحية والبيئية الخاصة بكل دولة، وبالحديث عن مصر بشكل خاص، فقد تسببت مجموعة من الأمور في زيادة التوجه نحو احتضان هذا التوجه ضمن ممارسات المنشآت المقدمة لخدمات الأغذية والضيافة.

فقد شهدت خلال الأعوام السابقة ارتفاع كبير في أعداد الرحلات السياحية الوافدة إليها، والذي ترتب عليه زيادة أعداد السائحين المتعاملين مع الوجهات السياحية والفنادق والمطاعم، ومع هذا الارتفاع تزداد الحاجة لضرورة زيادة الوعي السياحي والاستهلاكي، وتأتي هذه الضرورة انطلاقًا من المظاهر السلبية والمشاهد الضارة بالبيئة المحيطة والتي هي في تصاعد مستمر، دافعةً الفكر والتوجه الشخصي نحو مفاهيم وإجراءات الحفاظ على الصحة وإيجاد السبل لممارسة حياة أفضل، وليس الفرد منفردًا، بل أصبحت هناك رغبة محلية في تطوير الذات واتباع أنظمة ومعايير صحية للحفاظ على سلامة الفرد وبيئته المحيطة.

وليس مريبًا إن كانت هناك مجموعة من أهم الجهات والهيئات العالمية التي تهتم ببحث سلبيات قطاع الأغذية وتقديم خدمات الضيافة، فهي واحدة من أكثر المجالات المُستهلكة والمُهدرة للأطعمة والمكونات والخامات الغذائية، فإذا كانت هناك رغبة في إيجاد حلول سريعة وواقعية وفعالة نحو التقليل من الآثار والمظاهر السلبية المتفشية في المجتمعات المختلفة، ما علينا سوى تضمين هذا القطاع في اهتماماتنا الأولى.

وحيثيات القضية لا تتعلق بمشكلة أو اثنين، بل هي أكثر من ذلك، فعندما يتطرق الحديث لمهدرات واستهلاكات قطاع خدمات الأغذية والمشروبات، يسطع بريق قائمة طويلة من المسببات الرئيسية، بدءًا من تضاعف نسب إهدار الأطعمة المستخدمة في المطابخ والتخلص مما يتبقى من الوجبات دون التفكير في إعادة استهلاكها أوتدويرها والاستفادة منها.

مرورًا باستخدام مجموعة من الخامات غير القابلة للتحلل بسهولة مثل البلاستيكيات، الاستهلاك المفرط في الماء والطاقة بأنواعها، والذي يتزامن مع ارتفاع أسعار مصادر الطاقة المختلفة، مع ضرورة ذكر ارتفاع أسعار النقل المحلي والدولي، وما يصدر عنه من انبعاثات كربونية من مركبات ثاني أكسيد الكربون، وأضراره السلبية على البيئة المحيطة.

وانتهاءً بمواد التنظيف الكيميائية المستخدمة، واستراتيجيات كتابة وتصميم قوائم الطعام، وغيرها من الجزئيات التي سنتعمق بالحديث عنها عبر السطور القادمة.

ولكن بشكل عام، هناك ارتفاع في نسبة السائحين، يتزامن مع توجهاتهم نحو الحفاظ على سلامتهم الشخصية وترك بصمة إيجابية عن ذاتهم وخلفياتهم المعيشية من خلال الحفاظ على البيئة المحيطة، إلى جانب عوامل التوجه المحلي نحو الاهتمام بالوجهات السياحية ومنشآت الإقامة التابعة لها والمكملة لدورها من المطاعم الفنادق، وأخيرًا الحاجة إلى للربط بين الأمور السابق ذكرها عن طريق زيادة الوعي السياحي واستهلاك الموارد والخامات المختلفة.

وهذه العوامل جميعها دفعت جميع الأعمال والمشاريع الخاصة بتقديم خدمات الأغذية والضيافة المثالية لاحتضان أساليب ومناهج الاستدامة في إتمام مهامها في العصر التجاري الحالي، ليس فقط لأنه يعطي ميزة تنافسية وصورة إيجابية عن علامتك التجارية، بل لأنه بات توجهًا عالميًا ومطلبًا جماهيريًا متزايد في الآونة الأخيرة كما ذكرنا مسبقًا.

المعايير والممارسات الخاصة بهذا المفهوم

Odoo image and text block

١ - الاستخدام والاستهلاك والتدوير

وتعرف كذلك بالـ "3 R"، إشارةً إلى المصطلحات "Reduce – Reuse – Recycle"، وهي أهم شعار لمدير المطعم الصديق للبيئة والباحث عن معايير الاستدامة، وتعتمد على تقليل النفايات من خلال التخفيض من المكونات المهدرة، وإعادة استخدام الخامات الملقاة في الحاويات، وإعادة تدوير بعضها الآخر، أو حتى التوجه تدريجيًا نحو التخلص من استخدامها.

 

ولعل أهمها في الحديث المواد البلاستيكية، فكم من مرة شاهدت صور للعديد من الطيور والأسماك والمحيطات المختنقة بالمواد والأكياس البلاستيكية، فقد وجد على سبيل المثال أن الولايات المتحدة بمفردها تستخدم ما يزيد عن ٥٠٠ مليون ماصة أو "شاليموه" يوميًا وفقًا لإحدى الإحصائيات.

لذلك وُجِدَت ضرورة تضمنيها بين معايير واشتراطات الاستدامة للمطاعم والفنادق المختلفة، حيث تتجه بعض المطاعم والفنادق نحو تبديل ورق الـ "تواليت" المستخدم والمناشف الورقية بورق مصنع ليتم ذوبانه بسهولة في الماء أو إعادة تدوير باستخدام بعض الكيماويات على أن يكون هذا الورق خالٍ من الكحول.

كما أنّ واحدة من المعايير الحرص على توفير مجموعة كبيرة من سِلال المهملات في جميع المساحات الممكنة في المطعم والطرقات ودورات المياه وبجانب أبواب الدخول والخروج وفي المساحات الخارجية إن وجد، على أن يكون مجموعة محددة للغاية منها ذات طابع تصميمي خاص، وهو أن تمتلك غرف منفصلة تتوافق مع نوعية النفايات الملقاة بداخلها، فتكون للصحف والورق والزجاج والأولومنيوم والكرتون والمعادن والبلاستيك مجمعة بجانب بعضها البعض.

وتهتم أيضًا بعض من هذه المطاعم والفنادق بجانب إعادة التدوير والتبرع بالعناصر التي يصعب إعادة استخدامها مثل الـ"ستايروفوم" وأواني الزرع ومستلزمات النظافة والمراتب المستعملة، وزيوت الطهي والأثاث والأرضيات، حيث يتم توفير حاويات خاصة مرفقة بلافتات مرئية لتشجيع الموظفين والضيوف على إلقاء هذه العناصر في منطقة محددة.

أما الورق فهو من العناصر التي يمكن إعادة تدويرها وتصنيعها مرة أخرى، حيث يُستخدم الورق المعاد تدويره لطباعة قوائم الطعام والمنشورات الدعائية، أو لصنع شنط التسوق أو الـ"تيك أواي" بدلًا من الأكياس البلاستيكية.

ولعل واحدة من أهم النصائح المقدمة في مجال الممارسات الخضراء التخلص من استخدام الإيصالات الورقية، والتوسع في استخدام وسائل الدفع غير الورقية، إلى جانب استخدام مواد قابلة للتحلل فيما يتعلق بخيارات الأغذية المخصصة لطلبات التصويل إلى المنازل، وتجنب استخدام الأصناف ذات الاستعمال لمرة واحدة، مثل الأطباق الورقية، وصواني التسخين الـ"هوت بوكس"، والأكواب البلاستيكية، واستبدالها بأواني وأطباق من الصيني والفضيات.

وكذلك تلجأ العديد من المطاعم لاستخدام "شاليموه" ورقي أو من الاستانلس أو قابلة للتحلل، بينما قامت العديد من المنشآت بالفعل باستبدال عيدان الأكل الخشبية بأخرى مصنوعة من الاستانلس.

وقد تمكنت العديد من المنشآت المعنية بهذا الأمر من تطبيق نظام "ورق التحكم" لقياس كمية الطعام المقدمة إلى الزبائن والمهدرة منهم بعد تناول وجباتهم، إلى جانب تطبيق وسائل إدارة أفضل تسعى خلف مراقبة قائمة التسوق والخدمة الخاصة بها من أجل تجنب الشراء الزائد عن الحد، وبالتالي إهدار الطعام.

مع اهتمامهم بإيجاد سبل لضمان معدل دوران أسرع للمخزون، إلى جانب مراقبتهم المستمرة لحصص الطعام المقدمة وكيفية استهلاكها عن طريق الضيوف، في محاولة لإيجاد أطر تحكم وتفعل الحلول الخضراء المطروحة من قبل الجهات الحكومية المختصة.

Odoo image and text block

٢ – المضيفين والضيوف والموردين

حلقة دائرية ينتقل خلالها مفهوم الاستدامة بشكل مستمر علينا رصدها ببعض التدقيق من خلال الجزئيات التالية:

أولًا:

يعد إنشاء فريق -من طواقم العمل- صديق للبيئة أمرًا بالغ الأهمية لإنشاء ممارسات تجارية صحية بيئيًا لمنشأتك، فلن تتمكن من تطبيق هذا المفهوم بفعالية وإنتاجية بدون توظيف أيادي متخصصة ومدركة لأهمية هذا المفهوم الوظيفي، ولن يقدم لك هؤلاء القيمة القصوى من نهج الاستدامة بدون تفهمهم للإيجابيات المترتبة عليه، والنتائج الإصلاحية القائمة على العمل من خلاله.

وحتى تستطيع أن تنقل هذا المفهوم بنجاح ومثالية إلى ضيوفك وموردين عليك أولًا أن تعمل على ثقل مواهب مضيفيك وأساليبك التسويقية الخاصة، وتلك الأخيرة سنتطرق إليها خلال السطور القادمة، ولكن حديثًا عن الضيوف أنت بحاجة إلى إدراك بعض الأمور الهامة.

ففي البداية يجب عليك أن تجد سياسات محددة لأفضل ممارسات الاستدامة التي يمكنك اتباعها قبل أن تدرب مضيفيك على اتخاذها أثناء ساعات العمل، ويعد المضيفون جزءًا هامًا للغاية من نجاح هذه العملية، ويطلق عليهم مصطلح "الفريق الأخضر"، حيث يهتم بعضًا منهم بالقيام بالممارسات الخضراء المعبرة عن مفهوم الاستدامة التي نحن بصدد ذكرها خلال هذا المقال.

بينما الجزء الآخر بكتابة تقارير الرصد والمتابعة لهذه الممارسات إذا ما كانت تتم وفقًا للسياسات الموضوعة أم تخالفها، حتى يتم في النهاية عرضها على الإدارة المتخصصة والمسؤولة عن تقييم مدى قدرة المنشأة سواء كانت مطعم أو فندق على تحقيق معايير وإجراءات الاستدامة على أكمل وجه.

ولكن فريقك يحتاج -وفقًا لهذا الهدف- إلى تلقي مجموعة من الدورات التدريبية والمحاضرات العلمية، حيث تعمل التدريبات على تعزيز الجوانب التنفيذية الخاصة بالمضيف، والمحاضرات العلمية ستهتم بتوجيه مدركاته الفكرية نحو الاهتمام والحرص بأبعاد هذا المفهوم، وتطوير قدراته على نقل المعرفه به إلى الضيوف من حوله دافعًا إياهم على الإحاطة بممارسات الاستدامة.

والتواصل مع طاقم المضيفين -وفقًا لهذا الأمر- يعد هدفًا مهمًا للمديرين وأصحاب رأس المال، في سبيل تغيير عقليتهم وآرائهم تجاه ثقافة الأغذية المستدامة في المنشأة التي ينتموا إليها.

كما أن الموضوع يتطلب القيام بتوفير مجموعة من الأساليب التشجيعية للمضيفين؛ تحفزهم وتدفعهم للاستمرار نحو تنفيذ الممارسات بمثالية وكفاءة ومهارة، دون كسل أو تباطؤ أو تراجع عن الاحساس بأهمية هذا الأمر، وتتجسد هذه الأساليب في تقديم مجموعة من الجوائز عن مدى الالتزام بالقيام بهذه الممارسات، كمضيف الشهر وأفضل مضيف في العام عن اهتمامه بالممارسات الخضراء الصيقة للبيئة وأن يتم إرفاقها بمقابلات مادية.

ثانيًا:

يجب أن يعي ضيوفك اتباعك لهذا المفهوم، ويعد ذلك من أهم الخطوات المتخذة ضمن ممارسات منهج الاستدامة، فمضيفيك هم الأساس الذي يقوم عليه مطعمك أو فندقك، وتقوم أرباحك على تقديم خدمات الأغذية والضيافة الراقية لهم، وليس فقط إدراكها، بل والمشاركة في تحقيقها عن طريق التعديل في أفكارهم وسلوكياتهم المختلفة أثناء تواجدهم في منشأتك.

وفي هذه الفرعية نتحدث باستفاضة عن أهمية "التسويق والشهادات واللافتات"، فالضيوف لديك ينقسمون إلى مؤيدين لهذا التوجه وباحثين عن المنشآت المحققة له، وجمهور آخر لا يدرك أبعاد مصطلح "Going Green"، وأنت ما بين الفئتين تسعى لإثبات ذاتك لإحداهما، وتوضيح وجهة نظرك للطرف الآخر.

ويتعلق الأمر في البداية بتسويقك المثالي لممارساتك الخضراء وأفكارك الصديقة للبيئة من خلال الصور والفيديوهات والإحصائيات المتعلقة بنسب الإقبال وردود الفعل الإيجابية عبر وسائل التواصل المختلفة، سواء الملموسة أو الافتراضية، وذلك لخدمة الجهات الحكومية والمختلصة بتعزيز الاهتمام بهذا الجانب، وكذلك من أجل حصد اهتمام الزائرين الباحثين عن الممارسات الخضراء في المطاعم والفنادق المختلفة.

قد تجد صعوبة في تقبل فكرة وجود توجه عالمي نحو ترشيد الاستهلاك وإعادة الاستخدام وتدوير المنتجات والتقليل من استهلاك الطاقة ومصادر المياه وغيرها، ولكنها الحقيقة، إنها الصيحة القادمة، والمنشآت الغذائية والفندقية تسعى لاحتضانها باهتمام وحرص.

وهذا هو المدخل الذي تستخدمه الهيئات المختصة ومديري المطاعم والفنادق في طرح حججهم وأسبابهم بضرورة الاهتمام بهذا التوجه، للضيوف والموردين، فكيف سيستمر عمل الموردين إن لم تكن منتجاتهم متفقة مع توجهات مفهوم الاستدامة الخضراء؟

وعليه، تأتي أهمية استخدام بعض الأساليب والاستراتيجيات الخاصة بهذا الجانب مثل التسويق والإعلان عن معنى الاستدامة والبقاء في السوق التنافسي، وشرح طبيعة ممارساتها للزوار الجدد، وإيضاح النتائج الإيجابية الناتجة عنها من خلال مشاهد ملموسة وواقع ملموس قائم على حقائق ونسب وإحصائيات فعلية، وليست مجرد نظريات وافتراضات موضوعة عن طريق مجموعة من العلماء أو الدارسين في مجال تقديم خدمات الأغذية والضيافة.

ومن هذا المنطلق، تتقدم مجموعة من الممارسات لتغطية هذه الجزئية مثل: إضافة مجموعة من اللافتات إلى الـ "بوفيه" لإيصال ممارسات الأغذية المستدامة التي يتبعها المطعم أو الفندق إلى النزلاء، إلى جانب توفير مجموعة من المضيفين على "البوفيهات" الخاصة باستقبال الزبائن وتقديم السلطات المختلفة لشرح مفهوم "كوّن طبق السلطة الخاصة بك" إلى القادمين، وذلك تلبية لرغبة الترشيد في الأطباق المقدمة، فما سيقوم بإضافته النزيل أو الزائر في طبقه هو ما سيتناوله حقًا.

بينما، وعلى الجانب الآخر، يعد واحدة من أهم الخطوات المتخذة في هذه الممارسة منح الزوار خيار تقديم الطعام إليهم في الـ "بوفيه" على طريقة أطباق "آلا كارت"، بدلًا من أن يخدموا أنفسهم، فمن شأن ذلك أن يعطي مزيد من التحكم في حجم حصص الطعام المقدمة، وهي نفس الحصص التي تهتم بعض المنشآت بتقليل خدمة إعادة ملئها قبل ساعة من إغلاق المطعم أو الـ"بوفيه".

ويأتي ذلك مع الحرص على إعداد الأطعمة في أقرب وقت ممكن قبل التقديم، وقبل حتى فتح البوفيه؛ وذلك من أجل ضمان بقاء الأطعمة طازجة وصحية وصالحة للتذوق مباشرةً.

هذا إلى جانب استخدام طواجن من الصلصال (الفخار) لتقديم الطعام في الـ "بوفيه"، بدلًا من صحون الـ "استانلس ستيل" الكبيرة للتسخين والتي تتطلب مصدر حراري مستمر لإبقاء أصناف الطعام دافئة بداخلها.

وكذلك تتعلق بتنظيم المهرجانات الموسمية لتعيد الذكر بأهمية هذا المنهج، وذلك بالتوافق مع حفلات الـ"كوكتيلات" للنزلاء في المطبخ، حيث يتمكن النزيل من ارتداء الملابس الخاصة بالمطبخ والتعرف على أهم ممارسات الأغذية المستدامة التي يتبعها المطعم أو الفندق، أو تنظيم عشاء على ضوء الشموع ليوم واحد فقط من كل أسبوع.

وعلى صعيد آخر، تهتم العديد من المنشآت بتدشين الحملات المختلفة مثل حملة بعنوان "لا للقمامة، نظف قمامتك" في مناطق الأشجار والمناطق المفتوحة حول المطعم والفندق، إلى جانب استخدام لافتات مثل: "خذ ما تريد، لكن تناول ما تأخذه" على طاولات الطعام والـ "بوفيهات".

Odoo image and text block

٣ - ترشيد الاستهلاك في الطاقة والماء 

أولى الممارسات التي يتم ذكرها عندما يتطرق الحديث إلى إجراءات تنمية الاستدامة ومفاهيم صداقة البيئة في المنشآت السياحية والمطاعم المختلفة، وفي حقيقة الأمر لا تكتمل الصورة دون ذكر أهم التوصيات والارشادات المتعلقة بترشيد استهلاك المياه وأشكال الطاقة المختلفة في هذه المنشآت.

حيث يستخدم قطاع الخدمات الغذائية الكثير من الكهرباء، خاصة مع الأجهزة الكهربائية المرفقة، لذلك كان التوجه في بداية قائمة متطلبات هذا المنهج التحول في الاستخدام إلى نماذج وأجهزة موفرة للطاقة وللتكاليف المادية المصروفة، مثل استخدام "لمبات" إضاءة من الليد والهالوجين والـ "CFL"، وتركيب مصابيح استشعار الحركة في الحمامات الخاصة بالمنشأة بدلًا من تلك المفتوحة باستمرار.

كذلك الحال مع استخدام المكيفات، حيث أصبح التوجه نحو استخدام نظام الوحدات الفردية في أجهزة تبريد الجو، بدلًا من مكيفات الهواء المركزية التي تستهلك الكثير من الطاقة، وبالتوجه نحو بعض الأجهزة المستخدمة في المطبخ تأتي فكرة استخدام ألواح حرارية شمسية لتسخين كميات المياه الكبيرة في مطابخ المطعم والفندق.

ويُذكر في هذا الجانب مجموعة فرعية من النصائح والإرشادات مثل ضرورة رصد ومتابعة نظافة أنابيب التكثيف في الثلاجات، حيث أن الغبار المتراكم على المعدات بمقدوره مضاعفة استهلاك معدلات الكهرباء المبذولة.

وأيضًا تقليل الوقت المقضي في ممارسات التدبير المنزلي مثل غسيل الملابس والكنس؛ فضع في اعتبارك أن معظم الضيوف لا يتوقعون تنظيف غرفهم كل يوم ويجب عليك تشجيعهم على تقييد استخدامهم للمناشف ومفارش الأسرّة الجديدة المتوفر في غرفهم عند وصولهم، في مقابل الحصول على بعض الخصومات والجوائز المتعلقة بفوائد ورفاهيات الإقامة أو الحصول على خدمات الأغذية.

وهذا إلى جانب استخدام بطاقات المفاتيح الإلكترونية كوسيلة للتأكد من أن الضيوف لا يتركون الأنوار مفتوحة عند مغادرتهم المبنى، وتتوجه العديد من المطاعم والفنادق إلى زيادة المناسبات التي تقام في الهواء الطلق للضيوف والنزلاء؛ للحد من الاستخدام الداخلي لمصادر الطاقة، ويأتي هذا إلى جانب الحرص على ملء غسالات الصحون حتى طاقتها الاستيعابية القصوى، وعدم جعلها تعمل مع نصف الحمولة فقط.

ويتوجه العديد من أصحاب المشاريع والمنشآت السياحية إلى تصميم ردهة المطعم أو الفندق أو موقع شريط الـ " بار " من الزجاج العاكس للاستفادة قدر الإمكان من أشعة الشمس في النهار وأوقات المغيب دون الحاجة لإشعال الأنوار طوال ساعات الصباح والليل، ويهتمون كذلك بزرع أشجار الظل وإضافة جذوع الشجر فوق الجدران المقابلة لواجهات المباني لتقليل استخدام الطاقة الكهربائية للتدفئة أو للتبريد.

وإذا كان الفندق يحتوي على حمام سباحة أو حوض استحمام ساخن يتطلب التدفئة، قم بتركيب نظام الطاقة الشمسية الكهروضوئية ومضخة تسخين الهواء أو نظام تسخين المياه، واستخدم كذلك أغطية حمام السباحة الشمسية وأغطية الحوض الساخن عند إغلاق منطقة حمام السباحة.

وعلى الجانب الآخر، تعد المحافظة على المياه غاية مهمة لجميع مبادرات استدامة الأعمال التجارية، وخاصة للفنادق والمنتجعات التي تستضيف العديد من الضيوف على مدار العام، ولكن لماذا الحفاظ على المياه؟

بالنسبة للمياه، فهي مصدر محدود، وبالتالي كلما قلت كمية المياه المفقودة كلما كان ذلك أفضل، وقد يؤدي استخدام الماء الزائد أيضًا إلى تلوث المياه الجوفية في حالة تجاوز أنظمة الصرف الصحي الحد المسموح لها من التدفق.

ويؤدي ترشيد استهلاك الماء أيضًا إلى التقليل من استخدام الطاقة، وبالتالي توفير أموال عملك، لذلك يرتبط هذان العاملان -الماء والطاقة- ببعضهما البعض عندما تُذكر التنمية المستدامة للتجارة في المشاريع الخاصة بتقديم خدمات الأغذية والضيافة.

وحديثًا عن إجراءات الاستدامة المتخذة في استهلاك مصادر المياه داخل المطاعم والفنادق في سبيل توفيرها على المستوى العالمي أو تقليل تكلفة فواتيرها على المستوى الشخصي تأتي أهمية ذكر بعض التوصيات، تتمثل أهمها في عدم تقديم الماء للضيوف إلا في حالة طلبها من طرفهم.

كما تتجه بعض المنشآت باستبدال المراحيض التقليدية بأخرى موفرة للماء، من أجل تقليل كمية الماء المستخدمة مع كل تدفق للمرحاض، وهذا إلى جانب استخدام صمامات مياه من نوع الرشاش قليل التدفق، خاصة في أحواض المطبخ كذلك، حيث تسمح باستخدام كميات أقل من الماء عند غسيل الأطباق.

كما تحرص واحدة من المعايير على دعوة أصحاب المنشآت على التخلص من الزجاجات المعبأة بالماء، واستبدالها بنظام فلترة داخلي،  في حين تدعو بعض الإجراءات إلى الاستفادة من مياه الأمطار، أو ما يعرف بنظام المياه الرمادي "greywater system"، والاستفادة من مكثفات المبردات للاحتياجات المختلفة مثل الري أو تنظيف المراحيض، أو لأنظمة إخماد الحرائق على سبيل المثال.

Odoo image and text block

٤ - التعديل في قوائم الطعام والانتقال للبار

وتعتمد هذه الممارسة على تحويل قوائم الطعام أو إضافة بعض الخيارات الخضراء إليها لتوثيق العلاقة بين فكر الضيف ومنهج الاستدامة، مثل تقديم المزيد من الأطباق النباتية، والتي يتم تقديمها عبر العروض والخصومات إلى جانب وصف لطبيعة الفائدة الشخصية والمجتمعية والبيئة التي ستعود على المتذوق من اختيارها من مجموعة الخيارات المطروحة عليه.

وتتوجه العديد من المنشآت إلى تعديل قوائم الطعام نحو غاية الحد من استهلاك اللحوم والأصناف كثيفة الاستهلاك للمياه، والحد من الواردات الغذائية، وتضمين مجموعة وصفات جديدة ومبتكرة من الوجبات الصحية والخفيفة، خاصة في وجبات الإفطار.

ولعل واحدة من أهم الممارسات الخاصة بالتعديل في قوائم الطعام استخدام المزيد من لحوم الرومي والبط في الأصناف الغذائية المقدمة، بدلًا من اللحم البقري والضأن.

ولا تنتهي هذه الجزئية عند هذا الحد، بل تصل إلى مراحل أكثر تعمقًا في استخدام بقايا الأطعمة الغذائية الناتجة من عملية الإعداد والطهي لأطباق ومشروبات المطاعم لإيجاد أصناف خاصة جديدة في قائمة الطعام، وتمتلك القدرة على جذب المزيد من الزبائن والأرباح إلى مطعمك، حيث تقوم المجازر في أوروبا على سبيل المثال بتصدير بعضًا من أعضاء الحيوانات بالأطنان إلى الصين، حيث تباع هناك كأطعمة للمتذوقين والمتخصصين في هذا النوع من الأغذية كرؤوس الماشية.

كذلك عندما نتحدث عن تشذيب الخضراوات، حيث يتجه العديد من الشيفات المتمرسين في المطاعم والفنادق إلى تحويل هذه البقايا إلى أصناف شهية من الحساء والـ "غموس" والـ "صوصات"، أو مجموعة من الأصناف الجانبية المقرمشة والمخللة، رغبةً في تقليل نسبة النفايات والمخلفات الناتجة عن عمليات الإعداد والطهي.

كذلك تطرح العديد من الجهات أفكار التجديد في قوائم الطعام لإقناع الزوار بالتوجه إلى شريط الـ "بار" إن كان الفندق أو المطعم يحتوي على واحدة منها، في سبيل إعطاء الفرصة للـ" باريستا " بشرح أفكار التنمية المستدامة للمقبلين والمتذوقين أثناء تقديمه لواحدة من عروض عصائره الطازجة والصحية الخاصة، من خلال منتجات الفواكه والخضراوات والإضافات المنكهة والصحية المستخدمة معها، كتلك التي نقدمها في بار ستار.

والتي تمثل واحدة من الاستراتجيات الاقناعية المتخذة لدفع الأفراد نحو اتخاذ قرارات صحية وأكثر امتثالًا لمفاهيم صداقة البيئة ومراعاة الصحة الشخصية والارتقاء بالمعارف والخبرات الحياتية الخاصة باستدامة الحياة عن طريق الاهتمام بمضاعفة معدلات الصحة العامة.

وهذا الأمر يخدم في الوقت ذاته فكرة التعزيز من تقديم الأصناف الطازجة على الدوام، حيث يتم في الغالب تغيير الأصناف المقدمة عبر قائمة الطعام لتشمل المزيد من أنواع الخضراوات والفواكه، والتقليل من كميات اللحوم والألبان المستخدمة في المطبخ؛ حيث أن الفرق بين الفرد الذي يتناول نظام غذائي قائم على اللحوم في مقابل النظام الغذائي القائم على النباتات يعادل إحداث بصمة كربونية عن طريق الانبعاثات تعادل قيمة القيادة لمسافة ٨٠٠٠ ميل.

Odoo image and text block

٥ - الاهتمام بالمنتجات المحلية والانتاج الذاتي

واحدة من أهم الممارسات المدرجة تحت منهج الاستدامة، وتهتم بعاملين أساسيين، أولهما التركيز في صناعة خدمات الأغذية والضيافة المقدمة على المنتجات المحلية المحيطة بالمنشأة والتقليل من التكلفة والجهد المبذولين في استخدام وتضمين المستلزمات والمكونات المستوردة، وثانيهما الاعتماد على المنتجات الغذائية التي يتم زراعتها ورعايتها داخل المنشأة.

فلا تهدف الزراعة فقط إلى تنقية وتجديد الهواء المتواجد في أجواء التذوق المحيط بالزبائن، بل تمتد لتقديم مجموعة المحاصيل والمكونات المستخدمة في الوصفات داخل مطبخ الأغذية، وهي بهذا تساعد في تقليل المصروفات المتعلقة باستيراد المكونات.

فبدلًا من أن تعبر منتجاتك ومكوناتك الأساسية عبر البلاد يمكنها المرور عبر المدن، وذلك تقليلًا للملوثات الكربونية المتصاعدة من السفن والناقلات البرية، إن لم نتحدث عن الانخفاض في التكلفة المادية المتعلقة باستيراد المكونات المختلفة، وهو ما يهتم به العديد من الشيفات وأصحاب رأس المال ممن يعتنقون هذا المذهب، حيث يصوب اهتمامهم نحو تدشين المطاعم في وسط محلي يسمح لهم بستيراد المكونات المحلية واستخدامها بسهولة.

ولا تحتاج إلى أن تبدأ مشروعًا ضخمًا، فمثل هذه الأمور تتطلب التدشين المبسط بالاعتماد على استيراد مكونات محلية معدودة يتم توظيفها بأساليب وأشكال مختلفة، وبإضافات ونكهات خاصة بالشيف، تسمح له بالحصول على ضعف الأرباح بأقل التكاليف الممكنة، وهذا هو التطبيق الأنسب لمفهوم التنمية المستدامة.

ويتوجه اهتمام بعض أصحاب هذه المنشآت وخاصة الفنادق لزراعة منتجاتهم الخاصة بأنفسهم في محيط المنشأة، سواء في الردهة أمام النزلاء ليكونوا على بينة مع ما يتعاملون معه وعلى معرفة وإدراك بحرص المنشأة على اتباع مفاهيم الاستدامة وصداقة البيئة والحفاظ على الصحة والسلامة البشرية والغذائية، أو زراعتها في المناطق الخلفية في أماكن مخصصة لنمو كميات أكبر من هذه المحاصيل.

ولا تنسى أن السائحين يبحثون عن تجارب التذوق ذات البصمة المحلية، مما يعطي لزراعتك واهتمامك باستيراد المنتجات والمكونات المحلية وطهيها بأسلوب خاص قيمة أكبر من المعتاد، ويساعد على زيادة الإقبال والاهتمام من قبل هؤلاء الزوار، وبالأخص عندما يهتم أغلبهم بالصيحات الجديدة المتعلقة بالتوجه نحو الممارسات الخضراء والحفاظ على الصحة الشخصية واتباع أنظمة التنمية المستدامة.

ولعل واحدة من أهم الممارسات المتخذة من قبل الفنادق –والتي تسعى المطاعم لاتباعها- في مصر البدء في زراعة حدائق الأعشاب والخضراوات في مقر الفندق، على أن تتواجد بعضها في المناطق المخصصة للنزلاء، بحيث يدرك السائحون المنتجات المزروعة محليًا.

وكذلك يتم الاعتماد على استخدام الأسماك المحلية من مزارع القصير عوضًا عن الاعتماد على الأسماك المستوردة، إلى جانب تقديم أصناف المارملاد والمربى والزيوت المنكهة والبهارات التي يتم تصنيعها محليًا بجودة عالية، ولا يمكننا تجاهل التوجه المحلي نحو استخدام البلح المنتج من أشجار النخيل المزروعة في الفنادق أو محيطها في صناعة وطهي الوصفات المقدمة إلى الزبائن.

Odoo image and text block

٦ - التنظيف والسلامة الغذائية

ويعد أيضًا استخدام البدائل المتاحة لأدوات التنظيف الكيميائية، واتباع إجراءات الصحة والسلامة الغذائية الشخصية والتخزينية والوظيفية، واحدة من أهم الممارسات المطروحة للتنفيذ عندما تُذكر التنمية المستدامة واتخاذ الإجراءات الصديقة للبيئة.

ويمكن أن يساعد تبديل أدوات التنظيف التقليدية بمنتجات التنظيف الخضراء فندقك أو منتجعك على توفير بيئة طبيعية أكثر أمانًا للزوار والمسافرين، حيث تستخدم العديد من الفنادق الآن منتجات التنظيف الحيوية بدلاً من منظفات الكلور والبتروكيماويات التي يمكن أن تكون قاسية على البشرة وتلوث البيئة والأجواء المحيطة بالأفراد.

ولنواجه الأمر، منتجات التنظيف التقليدية ضارة بالبيئة، فالمواد الكيميائية القاسية في المنظفات الصناعية لا تتحلل بسهولة وتلوث الهواء والماء، بالإضافة إلى أن الضيوف لا يفضلوا رائحة المنظفات، ويضر الإكثار من استخدامها على مدار اليوم.

فلكي تكن مطعمًا مستدامًا، عليك استبدال المنظفات التقليدية بعلامات تجارية صديقة للبيئة، لذا عليك أن تطلب من الموزع الخاص بك توفير منتجات تحتوي على مواد كيميائية للتنظيف معتمدة من جهات عالمية تدعم فكر التنمية المستدامة والممارسات الصديقة للبيئة.

وكذلك يكُن الحديث عند التطرق إلى استخدام الدهانات والمبيدات الحشرية واللوازم المكتبية وغيرها في جميع أنحاء الفندق والمطعم، حيث يجب عليك اختيار الطلاءات منخفضة المركبات العضوية المتطايرة، والمتسربة، و القابلة للاشتعال أوالمواد اللاصقة.

ويأتي هذا الاهتمام بالتوافق مع مراعاة وضبط إجراءات الصحة والسلامة الغذائية التي تتنوع بين استلام ومراجعة صحة المنتجات المستوردة، واتباع مجموعة من الإجراءات والمعايير الصحية أثناء تخزينها، ومراعاة المعايير الخاصة بتوظيفها وطهيها وتقديمها في أنسب شكل ممكن إلى الزبائن، وهي تعرف جميعها بمجموعة المعايير والإجراءات السلامة الغذائية التي يمكنك معرفة المزيد عنها من خلال قراءة مقالنا : " ٤ أمور عليك إدراكها أثناء الاهتمام بالصحة والنظافة الشخصية للعاملين في مطعمك "

واستنادًا إلى هذا الإجراء، وربطًا بالمعيار المتعلق بترشيد استهلاك الماء، تأتي ضرورة تأكد أصحاب المنشآت من أن جميع مياه الصرف الصحي تتم معالجتها بشكل صحيح، من خلال أنظمة الصرف الصحي المتواجدة في موقع المنشأة حتى لا تؤدي مع مرور الوقت إلى إحداث أي شكل من أشكال التلوث البيئية والتي بدورها قد تؤثر على جودة وسلامة الأغذية والأجواء المتواجدة في مطعمك أو فندقك.

تحديات توظيف هذا المفهوم

ولكن هذا لا يأتي بسلاسة كما تُظهره لك الكلمات، فهناك العديد من التحديات التي تواجه تحقيق هذا المفهوم بمثالية بما يشمله من خطوات منهجية من قِبل المطاعم.

فهناك العديد من الأسباب الرئيسية التي تدفع المطاعم لمقاومة ممارسات مفهوم الاستدامة، وتدور جميعها حول أسلوب التفكير الخاص بمديري وعاملي المطاعم، خاصة أولئك المعنيين بمطاعم الوجبات السريعة والمعتنقين لوظائف المهمة السريعة والمعقدة لفترات طويلة، حيث يكون من الصعب تغيير هذا الاعتياد إلى اتخاذ أساليب ومهام وظيفية خضراء للمحافظة على البيئة، وخاصة عندما تكون هذه المهام تتسم بالهدوء والبطء والانخفاض المفاجئ في ساعات العمل المضغوطة والمزدحمة والمتأخرة.

كما أنهم عادةً ما يبحثون عن الحلول قصيرة الأمد للمشاكل قصيرة الأجل دون اهتمام للتدفق النقدي المتزايد بشكل يومي في سبيل حل مشكلة جزئية متكررة، فلا يتواجد لديهم معنى لوجود حل دائم لأي مشكلة تظهر من نوع محدد.

كما أن هناك اعتقاد خاطئ بأن الممارسات المستدامة للمطعم تكلف أكثر، وهذا غالبًا ما يكون بسبب عدم وجود فهم، فمرة أخرى، هذا الفهم يستغرق وقتًا، كما أن النتائج الملموسة من هذا الفهم ليست فورية مثل المشكلات الأخرى التي يواجهونها.

لا يجد بعض ملاك المطاعم في حين آخر أهمية لاعتناق مثل هذا الإسلوب إن كان مطعمهم يميل لاتخاذ منهج الـ "Fine Dining"، حيث تقديم خدمات الضيافة والأطعمة والمشروبات في أجواء هادئة ودودة دون الحاجة لممارسة أي أنشطة خضراء للمحافظة على الأجواء المحيطة، وذلك في فهم خاطئ لأبعاد مفهوم الاستدامة وصداقة البيئة.

وذلك يعني أن تدريس مفاهيم وأساليب وممارسات مفهومي الاستدامة وصدقة البيئة أمر غاية في الأهمية لأولئك المعتقدين أنها لا تقدم أي جديد ولا تمثل أي منفعة في سبيل جني الأموال وخلق مشروع تجاري ناجح في مجال تقديم الأطعمة والمشروبات من خلال المطاعم والفنادق.

وحتى وإن اقتنعوا بتنفيذ هذا المفهوم، تظل الحاجة في النهاية للاهتمام بالمراقبة والمتابعة المستمرة لمنشأتك الخاصة إذا ما كنت تعتنق منهج صداقة البيئة باحثًا عن سبل تنمية الاستدامة، والاتجاه لكل ما هو أخضر، وبقاء أعمالك التجارية الخاصة، فالتهاون -ولو بدرجة قليلة- مع واحدة من المتطلبات السابقة قد يؤدي إلى التأثير سلبيًا على بقية الاشتراطات.

 

تعرف على كل جديد في مجال المطاعم والفنادق من خلال آي هوريكا

المنصة المتخصصة في مجال الأغذية والضيافة

اعرف أكثر